هل تصدق أننا استغرقنا 15 ساعة من اللعب من أجل إنهاء المهمة الرئيسية الاولى في Kingdom Come Deliverance 2 ؟! -باستثناء المقدمة- نعم اللعبة بهذه الضخامة و من هذه الساعات استطعنا تكوين انطباعات أولية عميقة، و هذه انطباعاتنا الأولية عنها.
طبيعة اللعبة
تنتمي اللعبة إلى نوع تقمص الأدوار (RPG) الواقعي، وتُقدَّم من منظور الشخص الأول، خلال حقبة العصور الوسطى، و لست مجبرا على لعب الجزء الأول من أجل الإنطلاق في الجزء الجديد.
القصة تبدو واعدة و لا تتطلب معرفة سابقة بأحداث الجزء الأول
تدور أحداث القصة حول شخصية “هنري“، ابن حداد بسيط يتم تكليفه بمهمة لإيصال رسالة مهمة لكن هذه الرحلة سرعان ما تأخذ منعطفا آخر، إذ يجد نفسه في مواجهة أخطار محدقة تتطلب منه التكيف مع عالم جديد مليء بالمصاعب و التحديات، و القصة حتى الآن تبدو واعدة و مشوقة متعددة المسارات.
تجسيد مذهل لحقبة أوروبا في العصور الوسطى
تقع أحداث اللعبة خلال حقبة فترة العصور الوسطى، حيث تفوقت اللعبة في تقديم تفاصيل دقيقة لهذه الفترة، بدءًا من العمارة و الأزياء وحتى حياة الناس اليومية و الواقعية جدا.
الواقعية مذهلة لدرجة جعلتني أفوت إحدى المهام بسبب عدم وصولي في الموعد
ما يميز اللعبة حقًا هو الواقعية التي تدفع اللاعب إلى التدقيق في كل كبيرة وصغيرة، فالشخصيات داخل اللعبة تعيش حياة طبيعية تتأثر بتوقيت اليوم فهي تعمل في النهار و تنام في الليل، على سبيل المثال : إذا كانت مهمتك تعتمد على شخصية معينة، قد تضطر إلى الانتظار حتى الصباح إذا وجدت هذه الشخصية نائمة ليلًا حيث حدث معي موقف طريف أثناء قيامي بمهمة رئيسية، إذ تأخرت عن اللحاق بالشخصية المصاحبة لي، لتفاجئني بأنها أكملت المهمة بمفردها، هذه التفاصيل تضيف عمقًا وواقعية تُشعرك وكأنك جزء من عالم حيّ و بأن أي تهاون منك سيفقدك فرصة تعزيز علاقة مع شخصية ما او مجرد تضييعك فرصة لخوض مهمة كانت ستكافئ بمبلغ معتبر.
ضرورة الالتزام بروتين يومي واقعي أضاف عمقا آخر على التجربة، فعدم اعتنائك بنظافتك سيُنفر الناس منك
تُجبرك اللعبة على تبني نمط حياة يومي حقيقي و واقعي للغاية ما يضيف عمقا اكبر على أسلوب اللعب فالروتين يتضمن الأكل، الشرب، النوم، وحتى الاستحمام، حيث يؤثر ذلك على علاقتك بالشخصيات الأخرى، فإذا أهملت نظافتك الشخصية قد تواجه ردود فعل سلبية من سكان العالم أو قد يرفض البعض توظيفك او التعامل معك او التحدث إليك على عكس محافظتك على نظافتك و هيئتك الشخصية، أيضا توقيت النوم و الأكل و ماذا ستأكل و ماذا سترتدي مم ازياء و كم وزنها كلها تفاصيل ضرورية للتجربة، مما يجعل هذه التفاصيل ليست مجرد إضافة شكلية بل ضرورة في تجربة اللعب.
عنصر الاستكشاف أساسي في اللعبة و الاستماع للحوارات الجانبية قد يكشف لك خبايا أكبر في العالم مثل استماعي صدفة لشخصان يتحدثان عن كنز مدفون
الاستكشاف في اللعبة ليس مجرد جانب فرعي، بل عنصر رئيسي يقدم أحداثًا عشوائية تضيف تنوعًا وإثارة. في إحدى تجاربي كنت أجلس في حانة عندما سمعت شخصين يتحدثان عن كنز مدفون في إحدى القرى ثم توجهت للتحدث مع أحدهما، استطعت شراء كتاب يوجهني للعثور على هذا الكنز، للاشارة لا أذكر أنني قابلت أي حوارات متشابهة بين الـ NPCs حتى الان، هذه الأحداث تشجعك على التفاعل مع العالم والبحث عن الفرص المخفية، فضلا عن أن استكشاف المناطق قد يقودك للحصول على عناصر قد تحتاجها في حياتك اليومية.
الحوارات والسمعة نقمة أم نعمة ؟! فإحدى الشخصيات رفضت التحدث معي لاتمام مهمة ضرورية و ذلك بسبب سمعتي السيئة في منطقتها
تعتمد اللعبة بشكل كبير على الحوارات بين الشخصيات، حيث تؤثر اختياراتك بشكل مباشر على مسار القصة سواء بالإيجاب أو بالسلب. كما أن سمعة اللاعب تلعب دورًا كبيرًا في تحديد كيفية تعامل الشخصيات الأخرى معه، مما يضيف طبقة إضافية من التحدي والإستراتيجية، ففي إحدى المهام مثلا كانت سمعتي سيئة و المشكلة أنها مهمة إجبارية، صاحب المهمة رفض التحدث معي بسبب سمعتي السيئة في المنطقة ما أجبرني على تحسين سلوكي و تحمل فضاعة بعض الناس و المتجارة بنزاهة فيها و عدم السرقة من أجل رفع سمعتي و إتمام المهمة.
اللعبة لن تتساهل معك و عواقب سلوكياتك قد تكون وخيمة
اللعبة تخيرك بين أن تكون شخصا نزيها و محبوبا أو بين أن تكون شخصا محتالا، في حال اخترت الجانب الثاني عليك أن تكون حذر فأنت قد تتمكن من خداع الناس سواء بالكذب عليهم او الاحتيال في المتجارة او السرقة، و هذه الأخيرة قد تدمرك اذا ما تم كشفك فأنت هنا لست في لعبة تتيح لك السرقة بضغطة زر فالناس ليسوا اغبياء، يفضل دائما ان تسرق في اوقات الليل او حين تكون منفردا و احذر لأن الـ NPCs يشاهدونك في حال كان هناك نافذة في مكان قد تسرق منه و هذا ما واجهني في إحدى المرات، طبعا إذا تم ضبطك سيتم معاقبتك بسجنك أو جلدك و الذي في العادة سيشل شخصيتك مؤقتا بحيث لن تكون قادرا على الجري او ركوب الخيل إلى غاية تحسن حالتك و التي تتطلب عناية اكبر، كما ستعمل مجددا على محاولة رفع سمعتك اما بتحسين السلوك أو طلب المغفرة.
نظام القتال يبدو بسيط لكنه عميق يَصعب إتقانه
أسلوب القتال في اللعبة مميز بواقعيته وصعوبته، حيث يعتمد على الاشتباك القريب باستخدام السيوف، الرماح، الفؤوس، والدروع، أو القتال عن بعد باستخدام الأقواس. لكن إتقان القتال يتطلب تدريبًا مستمرًا، إذ تُرشدك اللعبة إلى شخصيات متمرسة لتعلم أساليب جديدة وتقوية مهاراتك، أيضا التنقل يتم عبر الخيل متاح مع وجود خيار السفر السريع لتسهيل الحركة بين المناطق لكنه يستنفذ منك بعض الطاقة و الطعام.
الأنشطة والحرف ضرورية للعيش و جني المال
من الجوانب الممتعة في اللعبة هي إمكانية تعلم حرف مثل الحدادة لصنع أسلحتك الخاصة، أو الكيمياء لصنع جرعات تساعدك في المواقف الصعبة، هذه الأنشطة ليست مجرد إضافات جانبية، بل تعتبر جزءًا أساسيًا من تجربة اللعبة، حيث تضيف واقعية ومتعة تجعل من التفاعل مع العالم أكثر حيوية بل أن بعضها ضروري فتعلم الحرف سيساعدك على العمل و جني المال.
لوحة بصرية فنية
تُعد الرسومات واحدة من أبرز نقاط قوة اللعبة، حيث تقدم مناظر خلابة وبيئة تعيد إحياء العصور الوسطى بدقة مذهلة في عالم مشبع بالألوان و التفاصيل، سواء في البيئة الحية من حياة الناس و تصرفات الحيوانات أو تصميم الشخصيات مع ضبط جيد لتزامن حركة الشفاه نع الكلام في لعبة بهذه الضخامة.
الأداء التقني كان عيبا في الجزء الأول و تم تحسينه في الجزء الثاني
الأداء التقني في اللعبة جيد جدا فمعدل الاطارات يبدو عالي سواء في وضع الدقة أو الأداء على PS5 حتى لو كان هناك هبوط طفيف أحيانا في معدل الإطارات، و في لعبة بهذه الضخامة من الطبيعي ان نجد بعض الهفوات التقنية و هي موجودة في أخطاء متفاوتة لكنها ليست مؤثرة بشكل كبير للأمانة و يمكن التغاضي عنها مثل ظهور وميض أو تشوشات خفيفة تظهر و تختفي عند ضغط زر الايقاف لكن وجب التنبيه إليها كما أن الاستديو أكد أن هناك تحديث من شأنه أن يصحح اغلب هذه الأخطاء مع الإطلاق.
التصميم الصوتي رائع و الموسيقى مناسبة للأجواء
التصميم الصوتي في اللعبة ممتاز و أداء الشخصيات أيضا، لم ألاحظ تواجد شخصيات متشابهة لا شكلا و لا من ناحية التصميم الصوتي، و الموسيقى مناسبة للأجواء خاصة في ظل حقبة العصور الوسطى لكنها احيانا تتقطع فجأة عند التجول او التحدث لشخصية أخرى.
15 ساعة لعب و مازلت أشعر انني لم ألعب
بعد 15 ساعة لعب مازلت اتعلم الكثير من الأشياء و مازلت اشعر انني لم أقم بشيء في اللعبة، و هذا راجع لضخامتها فهذا الشعور يتولد فقط في الألعاب العميقة و الضخمة جدا فـ Kingdom Come Deliverance II اعطتني هذا الشعور و هذا راجع لكونها لعبة غنية بالمحتوى و الأفكار.
تنويه : هذه الانطباعات أولية و قد تختلف في الآراء النهائية أما بالإيجاب او بالسلب.
انطباعاتنا
قد نكون مقبلون على إحدى أعمق ألعاب الـ RPG على الإطلاق، Kingdom Come Deliverance II أعطتنا ذلك الشعور بأن هذه اللعبة صُنِعت بحُب و شغب لهذه الصناعة، فإذا كنت محبا للـ RPG و الواقعية مع قصة عميقة متعددة المسارات خلال العصور الوسطى قد تكون KCD2 وجهتك القادمة.
ترقبوا مراجعتنا الكاملة بتاريخ 3 February، تصدر اللعبة يوم 4 February القادم على PS5 و Xbox Series و PC.